لم يكن يومى مختلف عــن بقيـه الأيام الأخـــرى التى مضت على فى حياتى ولكنه أزداد ســـوءا الآن
وبدأت الحياة تزداد صعوبه وشعرت بالضيق وبالآختناق من كل شيئ وبدأ أحساس بالغضب يجتاحنى ولا أعرف كيف أعبر عنه يجب أن أعترض على جميع الاشياء الخاطئه فى هذه البلاد .
أستيقظت من نومى وعقلى تملأه الكثير من الأسئلة منها متى نتغير ؟كيف نتغير ؟ من سيقوم بالتغيير ؟ نحن الشباب " الذين يقولون عليه شباب تافه ليس له هـــويه أو إنتماء ، أم اهلنا الذين عاشـــوا عمر يخافون حتى من الحديث بصوت مرتفع حتى لايقولون ما يغضب عيليه القــوم ويذهبون وراء الشمس على حسب قولهم .
أرتديت ملابسى على مهل وأفكارى مازالت مستمــرة وخـــرجت من غرفتى لأجـــد والدى يجلس يقرأ الصحيفة اليوميه ويقول معلقاً بتهكــم شديد على شيئ ما قـــرأه بالصحيفه " لازم مايكونش لينا ثمـن مش مصريين لازم يحصل فينا كده "
هــذه الجملة زلـــزلت كيانى وكأن بداخلى بركان يوشك أن يثور وتسألت عــــن سبب هذه الجملة التى أسمعها كثيرا هذه الايام والتى أكرهها كثيراً .
فأجابنى والدى : قتل شاب من التعذيب أسمه سيد بلال أثناء التحقـيق معـــه فى قضية تفجيـــر كنيسة القديسين بالأسكندرية .
صدرت منى شهقه فزع رغمــا عنى وشعــرت بالآلم الشديد والحزن والغضب ولم أتمكـــن مـن إتمام حديثى معه وأعتذرت منه سريعا لاذهب إلى الجامعه .
سرت ببطئ فى طريقى اليومى المعتاد إلى محطه الأتوبيسات لأبدأ رحله الكفاح للذهاب إلى الجامعه وركبت الاتوبيس المزدحم حتى الثماله ووقفت على قدم واحده أن صح القول .
وغرقت فى بحر من الافكار أعادنى إلى الوراء حين سمعت كلمه المصريين مالهمش ثمن لاول مره وقد كنت فى الجامعه حين حضرت زميلتى سلوى وهى فى حاله سيئه جدا وقمت بسؤالها قائله : ما سر التغيير الحادث لك اليوم ؟ أشعر بأنك فى حاله غير طبيعية فأجابتنى بحزن وأنفعال : قتلوا فتاة بألمانيا أسمها مروه الشربينى .
نظرت بذهول غير مصدقه ولا اعرف ماذا اقول لها . وتسألت ما السبب ؟
فأجابتنى سلوى : أمل ألم تعلمى بالخبر حقا حتى الان أين تعيشين أفيقى نحن بلا ثمن ونقتل وتضيع دمائنا هدر .. أسفه جداا يجب ان اذهب .
وتركتنى وذهبت سريعا وكانت سلوى صديقتى بكليه الاداب جامعه عين شمس وقابلتها فى اول يوم دراسه بقسم التاريخ وجمعنا معا حبنا لتاريخ مصرولم تكن سلوى راضيـــه عن الكثير من الامور
التى تحدث فى البلاد وتحدثنى فى الكثير من الامور التى تحــدث حولنا وتغضبها كثيرا وبدأت أتابع حديثها وتعليقاتها وهاهى الان تخبرنى بمقتل الفتاة المسلمة المصرية بألمانيا وقــررت أن أخرج عقلى من روتينيته وأتابع الاخبار السياسية بالبلاد مثل سلوى .
تنبهت فجأة من أفكارى على صوت أحد الأشخاص المتواجدين فى الاتوبيس وهـو يطلب منى إيصال النقود إلى الكمسارى وإحضار التذكرة ، وبالفعل قمت بإيصال النقود وإعطائه التذكـرة وعدت من جديد أغرق فى بحر أفكارى الذى أخذنى هذه المرة إلى أبعد من الجامعـه ، أخذتنى إلى مدرستى وحياتى الماضية ....
ألا تشعرين بالملل وأنت تقرأين تلك الكتب حقا أنت فتاة غريبه لا أدرى ما هو سر حبك لكتب التاريــخ يا ( أمل ) ، نظرت سريعا رافعه نظرى عن الكتاب الموجود بيدى قائله إلى ( منى) زميلتى بالمدرسه : تعلمين جيداا بأننى لا أشعر بالملل أبداً وأنا أقرأ كتب التاريخ .
ضحكت (منى) قائلة : أعلم ذلك جيداً فأنت صديقتى منذ الطفولـة يا ( أمل ) وأعلم مدى شغفك بكتب التاريخ وجملتك الشهيرة : بأن التاريخ هــو الذى يجعلنا نعرف أصل الشعوب والأحداث التى حدثت من قديم الزمان وأيضاً لنتعلم منه ولا نقع فى أخطاء من سبقونا .
ضحكنا معاً لان الجملة الأخيرة قالتها ( منى ) وهـــى تقوم بتقليد طريقتى فى الحديث وأكملت ( منى ) حديثها قائله : تذكــريننى بوالــدى يا ( أمل ) إهتمامك بالتاريخ لايقل عــن إهتمامــه بالسياسه .
تنبهت من أفكارى على صوت إمــرأه تصرخ عالياً فى الأتوبيس مستاءه مــن الــزحام الشديد وقد قوبلت عبارتها الغاضبــه بالكثير من الـــردود والتعليقات من الراكبين أهمها وهى الجملة التى جــذبت إنتباهى " الحكومـــه هى السبب فى هـــذا الزحام إن كانوا يهتمون بوسائل النقل ويوفرون لنا الأتوبيسات بعدد كافى لن يكون الحال كما هو الآن "
نظرت حولى ووجدتنى قد أقتربت من الجامعه فبدأت رحله كفاحى اليوميـــة للوصول إلى باب الاتوبيس إستعدادا للنزول منه .
ووصلت أخيراً إلى الجامعه ودخلت ولم أشعر برغبه فى حضور المحاضرات مـن حاله الضيق التى تملكتنى وقررت أن أتوجه إلى الكافتيريا حتى أهدأ قليلاً .
جلست كعادتى فى ركــــن بعيد وعدت من جديـــد إلى شرودى وأخذتنى أفكــــارى إلى اليــوم الذى قـــررت فيه أن أتعمق فى السياسه وأعــــرف كل ما يدور مـــن حولى وكيـــف ذهبـــت
إلى صديقتى منى بالمنزل وقابلت والدها الأستاذ محمود وطلبت منه أن يشرح لى ما يحدث الان من حولنا وسألته عن سبب وفاة مروه الشربينى وكيف نحن المصريين ليس لنا ثمن .
نظر إلى الأستاذ/ محمود بحب وعطف شديد وهو يحاول أن يهدأ من روعى وقد كنت أتحدث بأنفعال وهو يقول : مهلا يا أمل فأنت تسألين عن الكثير يا بنيتى .
حاولت أن أهدأ قليلا وشربت الليمون الذى طلبه لى عمى محمود حتى يساعدنى على الهدوء وجاءت منى وجلست معنا وهى تضحك قائله : يبدو أنك تحولتى من حب التاريخ إلى حب السياسه يا أمل .
نظر إليها أبيها معاتبا وهو يقول : منى لايوجد ما يدعوك للضحك يجب علينا جميعا ان يكون لدينا وعى سياسى يا حبيبتى ونعلم ما يدو حولنا .
نظرت منى إليه بخجل وهى تقول : حسنا يا دكتور أترككم إلى حديثكم السياسى .
ضحك والدها وداعبها قائلاً: لا تتركينا يا حبيبتى أحبك أن تكونى معنا وتستمعى لنا ولتتركى أرقامك قليلا أم أن كليه التجارة جعلتك تعيشين فى دائرة الارقام .
ضحكت منى قائله : أبدا يا والدى لن أعيش فى دائرة الارقام أبدا وانا ابنه الدكتور محمود أستاذ العلوم السياسية بكليه الاقتصاد والعلوم السياسيه .
وجلست جوارى تحتضننى قائله : ها نحن كلنا أذان صاغيه يا دكتور .
بدأ الدكتور محمود حديثه قائلاً: حتى تعلمى يا أمل ما يدور من حـــولك أذن يجـــب أن نبدأ بالحـــاله الأقتصاديه للبلاد ولتعلمى أنها سيئــه جدااا فى الـــوقت الحالى وأن ديون مصـــر الخارجية كبيرة جدااا............. وبدأ الدكتور محمــود يشرح لنا الحاله القتصادية فى مصر وأيضاً تحدث عن البطاله وأزديادها الملحوظ وفوجئت بأن منى تعلم الكثير مما يقول والدها وعلمت أيضاً أن الغـــلاء و البطاله هما مــــن الأسباب التى أدت إلى هجرة الشباب والعمل بالخارج بحثاً عن مورد رزق بعد أن تعذر عليهم إيجادها فى بلدهم ، وأيضا أوضح لى سبب سفر المتفوقين والعلماء للعمل بالخارج لما يلاقونه منعدم إهتمام وقله إمكانيات وصراعات داخليه داخل الجامعات مما تمنعهم من الابداع والابتكار .
وتعددت جلساتنا مع الدكتور محمود وبدأ فى شرح النظام السياسى بالبلاد وأهميه مجلسى الشعب والشورى وأيضاً تحدث عن الاحزاب فى مصر وأجابنى عن سؤالى عن سبب موت مروه الشربينى بأنها قتلت على يد رجل مخبول لارتدائها الزى الاسلامى ، ولــم أقتنع بهذا السبب من المؤكد هناك شيئ أخر ولكن مـــرت الايام وانا اتابع جميــــع ما يحدث بالجامعه
وفى تلك الفتــرة أقتربت من سلوى كثيراً وعلمت إنها إنضمت إلى حركه تسمى 6 أبريل وشجعتها وبدت الحيـــاة بالنسبه لى طبيعيـــة حتى صحــــوت ذات يوم على خبــر مفزع مشئوم.......
تنبهت من شروودى على صوت سلوى تنادينى من بعيد فأشرت لها بيدى محييه وجاءت وجلست بجانبى قائله : لما تجلسين هنا ؟ ألا تعلمين ان تلك المحاضرات هى النهائية وقد أقترب موعد الامتحانات .
أجبتها بإيمتءه من رأسى بأننى أعلم وقلت لها : لا توجد رغبه عندى لفعل اى شيئ اليوم فأنا أشعر بالضيق ألم تقرأى الصحف اليوم .
أجابتنى بهدوء شديد : قرأتها وأعلم ما تعنين بحديثك تقصدين خبر مقتل السيد بلال .
قلت لها بدهشه : نعم وما هذا الهدوء الذى تحدثيننى به وكأن الامر غير هام .
ابتسمت بحــزن قائله : لا يا أمل الأمر هاام ولكنى سوف اوضح لك فيما بعد ... أراكى بعد المحاضرات .
وتركتنى سلوى فــى ذهولى وعدت إلى أفكارى ثانيه وتذكرت سماعى لخبـــر وفاة الشــاب السكندرى خالد سعيد وكيف علمت بالخبــــر مـــن والدى صباح أحد الايام وذهلت وشعرت بالغضب يجتاحنى وكأننى بركان ثائـــر على وشك الانفجار وذهبت للجامعه واذكـــر سلــوى وثورتها العارمه وخروجنا فى مظاهرة نطالب فيها بحق خالد سعيد شهيد قانون الطـــــوارئ وأذكر الذل والمهانه والاهانه التى تعامل بها رجال الشرطه معنا وقد كانت هذه المظاهرة أول مظاهرة أشارك فيها مع سلوى وتعددت مشاركاتى فى المظاهرات المطالبه بحقنا وحق خالد سعيد وانضممت إلى جرووب على الفيس بـــوك بعـــنوان كلنا خالد سعيد وبدأنا نطالب بحقنا ولكن دون ان يستمع لنا أى شخص ومرت الاياام ونحن نحاول ونحاول دون اى رد فعل يذكر حتى فوجئت بخبر تفجير كنيسه القديسين ولم نعلــم من فعل ذلك وكثر الحديث والكلام حـــول هذا الامر حتى هذا اليوم الذى علمت فيه بمقتل السيد بلال مـــن التعذيب وهاهـــو شهيد اخــر يسقط تحت ظل قانون الطوارئ .
وأفقت من تفكيرى على سلوى تقوم بتبيهى وهى تهزنى قائله : أمل ما كل هذا الشرود ؟
نظرت إليها وكأننى كنت فى عالم أخر وقلت لها : سلوى ... ينفذون قانــــون الطوارئ أين هى الطوارئ التى ينفذون القانون من أجلها ..... لماذا يحدث ذلك لنا ؟
نظرت إلى مشفقه على حالى وقالت : هيا يا أمل لا تجهدى تفكيرك فى اسئله نعلم اجابتها وبالنسبه للبعض تعتبر اسئله لاقيمه لها ... وتعالى معى أريدك فى شيئ هام ...
خرجت مع سلوى من الجامعه ونحن نتحدث سويا فى حادثه السيد بلال وعلمت منها ان هناك مظاهرة يوم 25 يناير للمطالبه بحقوقنا وايضاً للمطالبه بإقاله الحكومه .
وأجبتها بدون تردد بأننى معها وأتفقنا ان نتقابل سويا ونتوجـــه الى مقــــر مجلــــس الشعب وهو الموقع الذى ستقوم عنده المظاهرة .
ووجدت على الانترنت الجروب المشاركه به كلنا خالد سعيد يعلن عن تلك المظاهرة وأتخذت قرارى وعزمت على الذهاب .
صحوت من النوم وأديت الفريضه وتوجهت إلى مقر مجلس الشعب وجدت سلوى تنتظرنى هناك وكانت مظاهرة حادة الطباع وشرسه وقد واجهنا الامن بالشووم والعصى ونحن لا نمل ولا نستسلم وقررنا ان المظاهرة مستمرة الى ان تحقق مطالبنا وتكرر الموقف نفسه يومى الاربعاء والخميس وكنت اذهب لمنزلى واعود ونترك الشباب فى الشارع معتصمون وقررنا ان المظاهرة يوم الجمعه سيكون مقرها ميدان التحرير وأننا لن نرحل حتى تحقق مطالبنا وترحل الحكومه وسميت تلك الجمعه ( جمعه الغضب ) .
وجاء يوم الجمعه ولم أعلم ما ينتظرنى ولكنى توضأت وأديت صلاتى وتوكلت على الله وقابلت سلوى التى وجدتها تنتظرنى امام شارعنا لانقطاع الاتصالات وخطوط الهاتف و كانت سعيدة بشدة وتشعر بالامل فى الحريه وقالت لى : ان الله معنا توكلنا على الله .
فقلت لها : توكلنا على الله ، وذهبنا للميدان ونحن نرى الامن فى كل مكان ووصلنا الى مكان تجمعنا وفوجئنا بمحاولات لتفريقنا بالقوه ومابين ( كر وفر ) وعوده مره أخرى للميدان ومطالبتنا بإسقاط الحكومه بصوت عالى بدأت قوات الامن فى إستخدام الغاز المسيل للدموع وشعرت بالاختناق وحاولنا الابتعاد عن مكان قنابل الغاز وهدأت قليلا وعدت الى موقعى الاول ووجدت الصراع بيننا وبين رجال الامر فى ازدياد واشتعال حتى سمعت طلقات الرصاص تدوى بصوت عال فزعت وصرخت فى سلوى ماذا يحدث ؟ ما هذا الجنون ؟ أين نحن ؟
صرخت سلوى مجيبه : نحن فى وطننا وسنستعيد حقنا يا امل وان متنا فداء له .
وقفت سلوى صامده وبشجاعه وبساله لم اراها من قبل ولكن قرأتها فى كتب التاريخ فقط عن المحاربين القدامى الذين يتسمون بالبساله والشجاعه .
وفجأه ووسط الدماء وصوت الرصاص وجدت سلوى تسقط أمامى وأسرعت إليها وأخذتها بين احضانى وانا اصرخ بخوف ورعب : سلوى ما الذى حدث ؟ أجيبينى ؟ لا تتركينى ؟
ليس الان يا سلوى .
اجابتنى بصوت متهدج الانفاس قائله : أمل يجب ان تكملى يا امل لن نستسلم ... لا تستسلموا .. اعيدوا لنا حقنا .. اعيدوا لنا مصرنا ... دمى امــانه فى اعناقكـــم .. أشهد ان لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله ... وفارقتنى سلوى وعلى وجهها إبتسامـــه تملأ وجهها الجميل فى أمل فى الحريه .
وهنا أطلقت صرخه مدويه وأنا أناديها : سلوى صديقتى لالالا لاتتركينى .
وأخذها منى بعض الشباب وهم يهدئون من روعى ويطالبوننى بالصمود ووقفت معهم قائله ودماء سلوى مازالت على يدى وملابسى : الشعب يريد إسقاط الرئيس .
نعم لا نريد إسقاط الحكومه فقط بل نريد إسقاط الرئيس من يتركنا نقتل لا نريده ... من لا يهتم لكرامتنا لا نريده .... من يريد إذلالنا لا نريده ... لا نريده هو او نظامه .
وصرخت بأعلى صوت : نريد إسقاط النظام ... الشعب يريد إسقاط النظام .
وكانت تلك هى البدايه ..... تمت
وبدأت الحياة تزداد صعوبه وشعرت بالضيق وبالآختناق من كل شيئ وبدأ أحساس بالغضب يجتاحنى ولا أعرف كيف أعبر عنه يجب أن أعترض على جميع الاشياء الخاطئه فى هذه البلاد .
أستيقظت من نومى وعقلى تملأه الكثير من الأسئلة منها متى نتغير ؟كيف نتغير ؟ من سيقوم بالتغيير ؟ نحن الشباب " الذين يقولون عليه شباب تافه ليس له هـــويه أو إنتماء ، أم اهلنا الذين عاشـــوا عمر يخافون حتى من الحديث بصوت مرتفع حتى لايقولون ما يغضب عيليه القــوم ويذهبون وراء الشمس على حسب قولهم .
أرتديت ملابسى على مهل وأفكارى مازالت مستمــرة وخـــرجت من غرفتى لأجـــد والدى يجلس يقرأ الصحيفة اليوميه ويقول معلقاً بتهكــم شديد على شيئ ما قـــرأه بالصحيفه " لازم مايكونش لينا ثمـن مش مصريين لازم يحصل فينا كده "
هــذه الجملة زلـــزلت كيانى وكأن بداخلى بركان يوشك أن يثور وتسألت عــــن سبب هذه الجملة التى أسمعها كثيرا هذه الايام والتى أكرهها كثيراً .
فأجابنى والدى : قتل شاب من التعذيب أسمه سيد بلال أثناء التحقـيق معـــه فى قضية تفجيـــر كنيسة القديسين بالأسكندرية .
صدرت منى شهقه فزع رغمــا عنى وشعــرت بالآلم الشديد والحزن والغضب ولم أتمكـــن مـن إتمام حديثى معه وأعتذرت منه سريعا لاذهب إلى الجامعه .
سرت ببطئ فى طريقى اليومى المعتاد إلى محطه الأتوبيسات لأبدأ رحله الكفاح للذهاب إلى الجامعه وركبت الاتوبيس المزدحم حتى الثماله ووقفت على قدم واحده أن صح القول .
وغرقت فى بحر من الافكار أعادنى إلى الوراء حين سمعت كلمه المصريين مالهمش ثمن لاول مره وقد كنت فى الجامعه حين حضرت زميلتى سلوى وهى فى حاله سيئه جدا وقمت بسؤالها قائله : ما سر التغيير الحادث لك اليوم ؟ أشعر بأنك فى حاله غير طبيعية فأجابتنى بحزن وأنفعال : قتلوا فتاة بألمانيا أسمها مروه الشربينى .
نظرت بذهول غير مصدقه ولا اعرف ماذا اقول لها . وتسألت ما السبب ؟
فأجابتنى سلوى : أمل ألم تعلمى بالخبر حقا حتى الان أين تعيشين أفيقى نحن بلا ثمن ونقتل وتضيع دمائنا هدر .. أسفه جداا يجب ان اذهب .
وتركتنى وذهبت سريعا وكانت سلوى صديقتى بكليه الاداب جامعه عين شمس وقابلتها فى اول يوم دراسه بقسم التاريخ وجمعنا معا حبنا لتاريخ مصرولم تكن سلوى راضيـــه عن الكثير من الامور
التى تحدث فى البلاد وتحدثنى فى الكثير من الامور التى تحــدث حولنا وتغضبها كثيرا وبدأت أتابع حديثها وتعليقاتها وهاهى الان تخبرنى بمقتل الفتاة المسلمة المصرية بألمانيا وقــررت أن أخرج عقلى من روتينيته وأتابع الاخبار السياسية بالبلاد مثل سلوى .
تنبهت فجأة من أفكارى على صوت أحد الأشخاص المتواجدين فى الاتوبيس وهـو يطلب منى إيصال النقود إلى الكمسارى وإحضار التذكرة ، وبالفعل قمت بإيصال النقود وإعطائه التذكـرة وعدت من جديد أغرق فى بحر أفكارى الذى أخذنى هذه المرة إلى أبعد من الجامعـه ، أخذتنى إلى مدرستى وحياتى الماضية ....
ألا تشعرين بالملل وأنت تقرأين تلك الكتب حقا أنت فتاة غريبه لا أدرى ما هو سر حبك لكتب التاريــخ يا ( أمل ) ، نظرت سريعا رافعه نظرى عن الكتاب الموجود بيدى قائله إلى ( منى) زميلتى بالمدرسه : تعلمين جيداا بأننى لا أشعر بالملل أبداً وأنا أقرأ كتب التاريخ .
ضحكت (منى) قائلة : أعلم ذلك جيداً فأنت صديقتى منذ الطفولـة يا ( أمل ) وأعلم مدى شغفك بكتب التاريخ وجملتك الشهيرة : بأن التاريخ هــو الذى يجعلنا نعرف أصل الشعوب والأحداث التى حدثت من قديم الزمان وأيضاً لنتعلم منه ولا نقع فى أخطاء من سبقونا .
ضحكنا معاً لان الجملة الأخيرة قالتها ( منى ) وهـــى تقوم بتقليد طريقتى فى الحديث وأكملت ( منى ) حديثها قائله : تذكــريننى بوالــدى يا ( أمل ) إهتمامك بالتاريخ لايقل عــن إهتمامــه بالسياسه .
تنبهت من أفكارى على صوت إمــرأه تصرخ عالياً فى الأتوبيس مستاءه مــن الــزحام الشديد وقد قوبلت عبارتها الغاضبــه بالكثير من الـــردود والتعليقات من الراكبين أهمها وهى الجملة التى جــذبت إنتباهى " الحكومـــه هى السبب فى هـــذا الزحام إن كانوا يهتمون بوسائل النقل ويوفرون لنا الأتوبيسات بعدد كافى لن يكون الحال كما هو الآن "
نظرت حولى ووجدتنى قد أقتربت من الجامعه فبدأت رحله كفاحى اليوميـــة للوصول إلى باب الاتوبيس إستعدادا للنزول منه .
ووصلت أخيراً إلى الجامعه ودخلت ولم أشعر برغبه فى حضور المحاضرات مـن حاله الضيق التى تملكتنى وقررت أن أتوجه إلى الكافتيريا حتى أهدأ قليلاً .
جلست كعادتى فى ركــــن بعيد وعدت من جديـــد إلى شرودى وأخذتنى أفكــــارى إلى اليــوم الذى قـــررت فيه أن أتعمق فى السياسه وأعــــرف كل ما يدور مـــن حولى وكيـــف ذهبـــت
إلى صديقتى منى بالمنزل وقابلت والدها الأستاذ محمود وطلبت منه أن يشرح لى ما يحدث الان من حولنا وسألته عن سبب وفاة مروه الشربينى وكيف نحن المصريين ليس لنا ثمن .
نظر إلى الأستاذ/ محمود بحب وعطف شديد وهو يحاول أن يهدأ من روعى وقد كنت أتحدث بأنفعال وهو يقول : مهلا يا أمل فأنت تسألين عن الكثير يا بنيتى .
حاولت أن أهدأ قليلا وشربت الليمون الذى طلبه لى عمى محمود حتى يساعدنى على الهدوء وجاءت منى وجلست معنا وهى تضحك قائله : يبدو أنك تحولتى من حب التاريخ إلى حب السياسه يا أمل .
نظر إليها أبيها معاتبا وهو يقول : منى لايوجد ما يدعوك للضحك يجب علينا جميعا ان يكون لدينا وعى سياسى يا حبيبتى ونعلم ما يدو حولنا .
نظرت منى إليه بخجل وهى تقول : حسنا يا دكتور أترككم إلى حديثكم السياسى .
ضحك والدها وداعبها قائلاً: لا تتركينا يا حبيبتى أحبك أن تكونى معنا وتستمعى لنا ولتتركى أرقامك قليلا أم أن كليه التجارة جعلتك تعيشين فى دائرة الارقام .
ضحكت منى قائله : أبدا يا والدى لن أعيش فى دائرة الارقام أبدا وانا ابنه الدكتور محمود أستاذ العلوم السياسية بكليه الاقتصاد والعلوم السياسيه .
وجلست جوارى تحتضننى قائله : ها نحن كلنا أذان صاغيه يا دكتور .
بدأ الدكتور محمود حديثه قائلاً: حتى تعلمى يا أمل ما يدور من حـــولك أذن يجـــب أن نبدأ بالحـــاله الأقتصاديه للبلاد ولتعلمى أنها سيئــه جدااا فى الـــوقت الحالى وأن ديون مصـــر الخارجية كبيرة جدااا............. وبدأ الدكتور محمــود يشرح لنا الحاله القتصادية فى مصر وأيضاً تحدث عن البطاله وأزديادها الملحوظ وفوجئت بأن منى تعلم الكثير مما يقول والدها وعلمت أيضاً أن الغـــلاء و البطاله هما مــــن الأسباب التى أدت إلى هجرة الشباب والعمل بالخارج بحثاً عن مورد رزق بعد أن تعذر عليهم إيجادها فى بلدهم ، وأيضا أوضح لى سبب سفر المتفوقين والعلماء للعمل بالخارج لما يلاقونه منعدم إهتمام وقله إمكانيات وصراعات داخليه داخل الجامعات مما تمنعهم من الابداع والابتكار .
وتعددت جلساتنا مع الدكتور محمود وبدأ فى شرح النظام السياسى بالبلاد وأهميه مجلسى الشعب والشورى وأيضاً تحدث عن الاحزاب فى مصر وأجابنى عن سؤالى عن سبب موت مروه الشربينى بأنها قتلت على يد رجل مخبول لارتدائها الزى الاسلامى ، ولــم أقتنع بهذا السبب من المؤكد هناك شيئ أخر ولكن مـــرت الايام وانا اتابع جميــــع ما يحدث بالجامعه
وفى تلك الفتــرة أقتربت من سلوى كثيراً وعلمت إنها إنضمت إلى حركه تسمى 6 أبريل وشجعتها وبدت الحيـــاة بالنسبه لى طبيعيـــة حتى صحــــوت ذات يوم على خبــر مفزع مشئوم.......
تنبهت من شروودى على صوت سلوى تنادينى من بعيد فأشرت لها بيدى محييه وجاءت وجلست بجانبى قائله : لما تجلسين هنا ؟ ألا تعلمين ان تلك المحاضرات هى النهائية وقد أقترب موعد الامتحانات .
أجبتها بإيمتءه من رأسى بأننى أعلم وقلت لها : لا توجد رغبه عندى لفعل اى شيئ اليوم فأنا أشعر بالضيق ألم تقرأى الصحف اليوم .
أجابتنى بهدوء شديد : قرأتها وأعلم ما تعنين بحديثك تقصدين خبر مقتل السيد بلال .
قلت لها بدهشه : نعم وما هذا الهدوء الذى تحدثيننى به وكأن الامر غير هام .
ابتسمت بحــزن قائله : لا يا أمل الأمر هاام ولكنى سوف اوضح لك فيما بعد ... أراكى بعد المحاضرات .
وتركتنى سلوى فــى ذهولى وعدت إلى أفكارى ثانيه وتذكرت سماعى لخبـــر وفاة الشــاب السكندرى خالد سعيد وكيف علمت بالخبــــر مـــن والدى صباح أحد الايام وذهلت وشعرت بالغضب يجتاحنى وكأننى بركان ثائـــر على وشك الانفجار وذهبت للجامعه واذكـــر سلــوى وثورتها العارمه وخروجنا فى مظاهرة نطالب فيها بحق خالد سعيد شهيد قانون الطـــــوارئ وأذكر الذل والمهانه والاهانه التى تعامل بها رجال الشرطه معنا وقد كانت هذه المظاهرة أول مظاهرة أشارك فيها مع سلوى وتعددت مشاركاتى فى المظاهرات المطالبه بحقنا وحق خالد سعيد وانضممت إلى جرووب على الفيس بـــوك بعـــنوان كلنا خالد سعيد وبدأنا نطالب بحقنا ولكن دون ان يستمع لنا أى شخص ومرت الاياام ونحن نحاول ونحاول دون اى رد فعل يذكر حتى فوجئت بخبر تفجير كنيسه القديسين ولم نعلــم من فعل ذلك وكثر الحديث والكلام حـــول هذا الامر حتى هذا اليوم الذى علمت فيه بمقتل السيد بلال مـــن التعذيب وهاهـــو شهيد اخــر يسقط تحت ظل قانون الطوارئ .
وأفقت من تفكيرى على سلوى تقوم بتبيهى وهى تهزنى قائله : أمل ما كل هذا الشرود ؟
نظرت إليها وكأننى كنت فى عالم أخر وقلت لها : سلوى ... ينفذون قانــــون الطوارئ أين هى الطوارئ التى ينفذون القانون من أجلها ..... لماذا يحدث ذلك لنا ؟
نظرت إلى مشفقه على حالى وقالت : هيا يا أمل لا تجهدى تفكيرك فى اسئله نعلم اجابتها وبالنسبه للبعض تعتبر اسئله لاقيمه لها ... وتعالى معى أريدك فى شيئ هام ...
خرجت مع سلوى من الجامعه ونحن نتحدث سويا فى حادثه السيد بلال وعلمت منها ان هناك مظاهرة يوم 25 يناير للمطالبه بحقوقنا وايضاً للمطالبه بإقاله الحكومه .
وأجبتها بدون تردد بأننى معها وأتفقنا ان نتقابل سويا ونتوجـــه الى مقــــر مجلــــس الشعب وهو الموقع الذى ستقوم عنده المظاهرة .
ووجدت على الانترنت الجروب المشاركه به كلنا خالد سعيد يعلن عن تلك المظاهرة وأتخذت قرارى وعزمت على الذهاب .
صحوت من النوم وأديت الفريضه وتوجهت إلى مقر مجلس الشعب وجدت سلوى تنتظرنى هناك وكانت مظاهرة حادة الطباع وشرسه وقد واجهنا الامن بالشووم والعصى ونحن لا نمل ولا نستسلم وقررنا ان المظاهرة مستمرة الى ان تحقق مطالبنا وتكرر الموقف نفسه يومى الاربعاء والخميس وكنت اذهب لمنزلى واعود ونترك الشباب فى الشارع معتصمون وقررنا ان المظاهرة يوم الجمعه سيكون مقرها ميدان التحرير وأننا لن نرحل حتى تحقق مطالبنا وترحل الحكومه وسميت تلك الجمعه ( جمعه الغضب ) .
وجاء يوم الجمعه ولم أعلم ما ينتظرنى ولكنى توضأت وأديت صلاتى وتوكلت على الله وقابلت سلوى التى وجدتها تنتظرنى امام شارعنا لانقطاع الاتصالات وخطوط الهاتف و كانت سعيدة بشدة وتشعر بالامل فى الحريه وقالت لى : ان الله معنا توكلنا على الله .
فقلت لها : توكلنا على الله ، وذهبنا للميدان ونحن نرى الامن فى كل مكان ووصلنا الى مكان تجمعنا وفوجئنا بمحاولات لتفريقنا بالقوه ومابين ( كر وفر ) وعوده مره أخرى للميدان ومطالبتنا بإسقاط الحكومه بصوت عالى بدأت قوات الامن فى إستخدام الغاز المسيل للدموع وشعرت بالاختناق وحاولنا الابتعاد عن مكان قنابل الغاز وهدأت قليلا وعدت الى موقعى الاول ووجدت الصراع بيننا وبين رجال الامر فى ازدياد واشتعال حتى سمعت طلقات الرصاص تدوى بصوت عال فزعت وصرخت فى سلوى ماذا يحدث ؟ ما هذا الجنون ؟ أين نحن ؟
صرخت سلوى مجيبه : نحن فى وطننا وسنستعيد حقنا يا امل وان متنا فداء له .
وقفت سلوى صامده وبشجاعه وبساله لم اراها من قبل ولكن قرأتها فى كتب التاريخ فقط عن المحاربين القدامى الذين يتسمون بالبساله والشجاعه .
وفجأه ووسط الدماء وصوت الرصاص وجدت سلوى تسقط أمامى وأسرعت إليها وأخذتها بين احضانى وانا اصرخ بخوف ورعب : سلوى ما الذى حدث ؟ أجيبينى ؟ لا تتركينى ؟
ليس الان يا سلوى .
اجابتنى بصوت متهدج الانفاس قائله : أمل يجب ان تكملى يا امل لن نستسلم ... لا تستسلموا .. اعيدوا لنا حقنا .. اعيدوا لنا مصرنا ... دمى امــانه فى اعناقكـــم .. أشهد ان لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله ... وفارقتنى سلوى وعلى وجهها إبتسامـــه تملأ وجهها الجميل فى أمل فى الحريه .
وهنا أطلقت صرخه مدويه وأنا أناديها : سلوى صديقتى لالالا لاتتركينى .
وأخذها منى بعض الشباب وهم يهدئون من روعى ويطالبوننى بالصمود ووقفت معهم قائله ودماء سلوى مازالت على يدى وملابسى : الشعب يريد إسقاط الرئيس .
نعم لا نريد إسقاط الحكومه فقط بل نريد إسقاط الرئيس من يتركنا نقتل لا نريده ... من لا يهتم لكرامتنا لا نريده .... من يريد إذلالنا لا نريده ... لا نريده هو او نظامه .
وصرخت بأعلى صوت : نريد إسقاط النظام ... الشعب يريد إسقاط النظام .
وكانت تلك هى البدايه ..... تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق